السبت، 12 يونيو 2010

غموض اختفاء رضا هلال 2



ويضيف محمد عبد الروؤف فى اذاعة هولندا

http://www.rnw.nl/arabic/article/22766
محمد عبد الرؤوف- إذاعة هولندا العالمية/ يعتبر شارع القصر العيني واحداً من أكثر شوارع العاصمة المصرية القاهرة ازدحاما والتي تعد بدورها واحدة من أكثر مدن العالم اكتظاظا بالسكان. تسلك الشارع عشرات الآلاف من السيارات يوميا، وهو ما يعني أن رحلة المرور عبره قد تستغرق في بعض الأحيان بضع ساعات. لكن رحلة عودة الصحفي والكاتب المصري رضا هلال إلى منزله في شارع القصر العيني لم تكتمل منذ ست سنوات.



في الحادي عشر من أغسطس/ آب عام 2003 اختفى رضا هلال دون أن يترك خلفه أي أثر. ولا يزال اختفاؤه يثير الجدل والنقاش حيث اعلن شقيقه مؤخرا أنه تلقى معلومات تفيد بأن رضا لا يزال على قيد الحياة في أحد السجون المصرية.

يمثل اختفاء هلال قضية معقدة. حيث كانت لرضا، والذي كان يشغل منصب مساعد رئيس صحيفة الأهرام المصرية الحكومية، الكثير من الخصومات السياسية التي تطورت أحيانا إلى عداوات. وتضم قائمة الخصوم قوميين وإسلاميين وأخيراً أعضاء في النظام المصري، وهو ما أدى إلى تعدد التفسيرات التي حاولت فك طلاسم اختفائه. ولا يمكن فهم خصومات هلال دون التطرق إلى مسيرته الفكرية.

من اليسار إلى الليبرالية

تخرج هلال من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في سبعينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي كان لا يزال فيها للتيار اليساري الكثير من النفوذ في الحركة الطلابية المصرية، وهو ما أثر على تكوين هلال الثقافي الذي تأثر بالفكر الماركسي. لكن مع التحاقه بالعمل في جريدة الأهرام، ثم سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تغيرت قناعات هلال الفكرية لتقترب من الليبرالية ذات التوجه العلماني. لكن توجهاته الليبرالية لم تحـُل دون أن يوجه سهام النقد لليمين الأمريكي المسيحي والمحافظين الجدد.

وبينما انتقد هلال العلاقة الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب إلا أنه كان من المؤيدين للسلام بين العرب والدولة العبرية، وهو الموقف الذي أثار الكثير من المناقشات الحادة مع معارضي التطبيع من التيارين القومي العروبي والإسلامي.

الحادي عشر من سبتمبر

لكن حدة النقاش سترتفع كثيرا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. فمثلما هيمنت احداث الحادي عشر من سبتمبر على الساحة الثقافية والسياسية في الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة، فقد كان لها اثر كبير في العالمين العربي والإسلامي. حيث تصدر الحديث عن العلاقة بين الاسلام والغرب النقاش بين النخب في العالم الإسلامي.


لكن حدة النقاش والجدل ستزداد مع التطبيق العملي للسياسة الأمريكية الجديدة والذي تمثل في غزو أفغانستان ثم العراق. ففي البداية لم يظهر هلال تعاطفا مع عقيدة المحافظين الجدد الخاصة بالإطاحة بالنظم الديكتاتورية العربية واستبدالها بحكومات ديمقراطية تمثل الحل السحري لكل مشكلات الشرق الأوسط. فكثيرا ما شدد رضا هلال على أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات واقتراع بل هي ثقافة قائمة على احترام الأخر وصيانة حقوق الأقلية لحمايتها من طغيان الأغلبية.


ثم تغير موقفه ليكشف عن تأييده للغزو الأمريكي للعراق ويحمل كثيرا على الرئيس العراقي السابق صدام حسين وعلى المتعاطفين معه والذين وصفهم بأرامل صدام زاعما ان النظام العراقي كان يقدم الأموال للمثقفين والصحفيين في مصر كما في العالم العربي ليكيلوا له الثناء.

من الجاني؟

ووسط كل هذه المعارك والنقاش اختفى رضا هلال. فبعد ان غادر مكتبه في صحيفة الأهرام يوم الاثنين الحادي عشر من اغسطس/ آب توجه إلى منزله ليغادره فجأة ويختفي. ومثلما كان هلال مثيرا للجدل في آرائه وتوجهاته السياسية فإن اختفاءه اثار الكثير من التكهنات. فالبعض أشار باصبع الاتهام إلى التيار القومي الذي كان هلال من ألد خصومه. بينما زعم آخرون أن هلال قد أمسى مجرد رقم في قائمة ضحايا التيار الإسلامي مثله مثل فرج فودة، وهو الزعم الذي أذكاه رسالة التهديد التي تلقاها المفكر العلماني سيد القمني منذ حوالي أربعة أعوام من جماعة الجهاد والتي توعدت فيها الجماعة القمني بنفس مصير رضا هلال التي زعمت أنها قتلته. لكن الرسالة وما تضمنته تعرضت للتشكيك.

هناك ايضاً من يرى أن هلال ذهب ضحية لبطش النظام وهو التفسير الذي اتخذ عدة اشكال، فهناك من يربط بين اختفاء هلال ومعارضته ارهاصات مشروع توريث الحكم، وهناك من قارن بين اختفاء رضا هلال وملاحقة الناشط الحقوقي المصري سعد الدين إبراهيم، مشيرين إلى أن انتقادات الاثنين للنظم الديكتاتورية وعلاقاتهما الجيدة بالولايات المتحدة كانت تمثل تهديدا لاحتكار النظام المصري للعلاقات مع الغرب.

الأمن يوقف البحث

ولا تكشف التفسيرات الرسمية للحادث الكثير. حيث أوقفت أجهزة الأمن عمليات البحث عن رضا هلال. وفي ندوة عقدت العام الماضي بنقابة الصحفيين المصرية استبعد الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام أي تورط للنظام الحالي في حادث الاختفاء مشيرا إلى أن اجهزة الأمن استنفذت جل طاقاتها لفك طلاسم الحادث دون جدوى. هذا وقد أشار البعض إلى أن اختفاء هلال مرتبط باسباب شخصية.


ومع مرور الوقت بدأ الأمل في معرفة ماذا حدث لرضا هلال يتضاءل وظن الكثير أن مصيره سيكون مشابها لمصير المعارض الليبي منصور الكيخيا الذي اختفى في القاهرة عام 1993 دون أن يترك خلفه أي أثر.

لكن حادث اختفاء رضا هلال عاد إلى دائرة الاضواء مرة اخرى بعد أن اعلن شقيقه انه تلقى معلومات من أحد ضباط سجن برج العرب بالقرب من مدينة الاسكندرية تفيد بأن هلال محتجز بالسجن، وهو ما نفته وزارة الداخلية المصرية. وقد قرر النائب العام المصري إعادة فتح التحقيق في الحادث.

ويعتقد بعض المتابعين ان التحقيق لن يسفر عن جديد وأن تغريبة هلال ستستمر.

من هنا لم تترك الشرطة المصرية احتمالا الا ودرسته وحققت فيه .... وشمل هذا - كما علمنا من الاخبار المتواترة من القاهرة - دراسة تفصيلية لحياة رضا هلال الخاصة وعلاقاته مع الاخرين حتى ان الشرطة بحثت عن امكانية وجود علاقة بين حادثة الاختفاء وعلاقة قيل انها ربطت بين رضا هلال وسيدة اسمها " ليلى نجاتي " .

الامر الذي لا جدال فيه هو ان الشرطة المصرية تتمتع بخبرة واسعة وكبيرة في كشف الجرائم الغامضة وفك الغازها ومن المؤكد ان لغز " رضا هلال " سيتم كشفه ان اجلا ام عاجلا ... لكن كثيرين يخشون ان تنتهي التحقيقات الى طريق مسدود وان يكون مصير " رضا هلال " مثل مصير " منصور الكيخيا " وزير الخارجية الليبي السابق الذي خطف من احد فنادق القاهرة وتلاشت اثاره ... او مثل مصير " موسى الصدر " الذي طار في زيارة رسمية الى ليبيا بدعوة من القذافي ولم يخرج منها .

الاحتمالات الشخصية واردة ... بما في ذلك احتمال ان يكون الزميل قد لقى مصرعه في جريمة عادية من جرائم القتل التي تقع كل يوم ... لكن الاحتمالات الاخرى ذات البعد السياسي لا زالت قائمة والا ما معنى ان تطلب الحكومة المصرية رسميا من " الانتربول " المساعدة في فك لغز اختفاء " رضا هلال " ؟.

خبراء البحث الجنائي لا يكتفون في عملهم بالادلة المادية لكشف الجرائم وحل الالغاز وانما يلجأون ايضا الى الادلة المعنوية بما في ذلك دراسة بصمات المجرم الشفوية التي تركها في مكان الجريمة واعني بها طريقة تنفيذ الجريمة والتوقيت والهدف المحتمل من اختيار هذا الاسلوب ثم البحث عن الدوافع لاختيار هذه الضحية بالتحديد وانا على ثقة ان خبراء البحث الجنائي المصري منكبون هذه الايام وفي ظل غيبة الادلة المادية على دراسة هذا الجانب الذي قد يقودهم الى معرفة المجرم ... او على الاقل على فك لغز الاختفاء غير المفهوم وغير المبرر لكاتب وصحافي كبير يشغل منصبا هاما في اكبر واهم جريدة مصرية .

شخصيا لا اعرف " رضا هلال " وان كنت قد قرأت له الكثير وشاهدته في عدة برامج تلفزيونية وقد خلصت من حصيلة ما قرأته عنه او له الى ان الرجل اذكى من ان يورط نفسه في قضية شخصية ذات طابع اخلاقي تفسر لغز اختفائه كما حاولت بعض الجهات ان توحي من خلال اشارتها الى علاقته بسيدة قيل انها اختفت هي الاخرى .... وبالتالي فأني اميل الى التفسير الاخر الذي يربط الاختفاء بمكانة الرجل وعمله وكتاباته .

انا على ثقة ان الجهات الامنية المصرية قد بدأت تراجع جميع مقالات رضا هلال المنشورة قبل الاختفاء بعدة اشهر لعلها تصل الى طرف خيط يقودها الى جماعة او جهة او دولة قد يكون لها مصلحة في خطف الزميل او قتله او اخفاءه وهذا احتمال وارد بخاصة في ظل مجتمعاتنا العربية التي لا تحتمل الرأي والرأي الاخر ... وترتفع النسبة في بعض الدول التي تحكم بالحديد والنار مثل تونس واليمن وليبيا والمغرب والاردن وسوريا .... لكنها تقل وقد تتلاشى في دول تتمتع بقدر اوفر من الحرية في التعبير مثل مصر التي تكاد تكون الدولة العربية الوحيدة التي تنشر في صحفها مقالات ضد رئيس الجمهورية شخصيا دون ان تعاقب الجريدة بالاغلاق او يعاقب الكاتب بالسجن خلافا لما هو موجود في الاردن او لبنان مثلا ... حيث يسود قانون يسمى " التطاول على الذات الملكية " وهو القانون الذي بموجبه تم الزج بأشهر شخصية سياسية في الاردن " ليث شبيلات " بالسجن مرتين لانه ذكر اسم الملكة نور والملك عبدالله مؤسس امارة الاردن في محاضرة القاها في احدى الجامعات .

تاريخيا ... حتى زمن الملك فؤاد والملك فاروق بل وزمن عبد الناصر واجهزة المخابرات في عهده لم نسمع ان صحفيا مصريا " اختفى " او " تلاشى " هكذا دون سبب .... صحيح ان هناك اعتقالات وقعت في صفوف الصحفيين ولكنها كانت اعتقالات مبررة بالنسبة للنظام حيث وجهت للمعتقلين اتهامات بالانتماء لاحزاب او منظمات سياسية ممنوعة بعضها كان يهدف الى قلب نظام الحكم .... لكن لم يحدث ان " اختطف " صحافي واختفت اثاره حتى في اكثر الاوقات حرجا في تاريخ مصر فكيف يمكن ان يحدث هذا في هذا الزمن الذي تنشر فيه مقالات ضد رئيس الجمهورية نفسه دون ان يعاقب الكاتب او تغلق الصحيفة ؟

هذا يقودنا الى " العامل الخارجي " الذي حاول ادخال هذا الاسلوب في التعامل مع الخصوم الى حياة المصريين .... بخاصة حادثة الاعتداء على احد المعارضين الليبين اللاجئين الى مصر في عهد السادات والتي قامت بها مخابرات معمر القذافي وقامت المخابرات المصرية بأمر من انور السادات باحباطها بل وتصوير العملية بالفديو لكشف الدور الليبي بخاصة وان المخابرات الليبية وبغباء شديد سارعت الى الاعلان عن نجاح محاولة الاغتيال اعتمادا على شريط الفديو التمثيلي الذي اعدته المخابرات المصرية قبل ان يظهر المعارض الليبي امام عدسات التلفزيون ليكشف حجم البلاهة والغباء التي تتمتع بها مخابرات القذافي .

لا اريد ان اتهم مخابرات القذافي بخطف "رضا هلال" كما تردد في اوساط بعض الصحفيين المصريين .... ولكني اردت فقط ان اقول ان اي خبير جنائي لا بد وان يضع في حسابه هذا الاحتمال بخاصة وان بصمات المخابرات الليبية في العملية تبدو واضحة وهي ذاتها البصمات التي تركت في مكان الجريمة بعد " خطف " موسى الصدر ... وخطف " منصور الكيخيا " عدا عن عمليات الاغتيال التي تعرض لها عشرات المعارضين الليبين في الخارج والتي اعترفت بها المخابرات الليبية ومنها اغتيال محمد مصطفى رمضان احد اهم المذيعين الليبيين العاملين في اذاعة لندن وقد اغتاله القذافي يوم الجمعة عقب خروجه من مسجد لندن المركزي في 11 ابريل عام 1980 انتقاما منه لانه وجه للقذافي عدة رسائل مفتوحة دعاه فيها الى احترام حقوق ورغبات الشعب الليبي واشرف على تنفيذ عملية الاغتيال المدعو موسى كوسا الذي سيصبح لاحقا احد اهم المجرمين في تاريخ ليبيا المعاصر .

ولكن ... ما مصلحة مخابرات القذافي في خطف كاتب وصحافي مصري لم يكتب ضد ليبيا من قبل ولم يعرف عنه انه احد خصومها في الاعلام المصري مثل عشرات غيره من الصحفيين المصريين ومنهم ثلاثة رفع عليهم القذافي دعوى قضائية قبل اسبوع من اختفاء " رضا هلال " ؟

ان كان القذافي سيلجأ الى اسلوب الخطف والتصفية الذي اشتهر به فلماذا لم يستهدف خصومه المعروفين في الاعلام المصري والصحافة المصرية واستبدلهم برضا هلال الذي لا يمكن وصفه او تصنيفه كخصم للنظام الحاكم في ليبيا ؟

هذا يقودنا الى مثل مصري قديم .... والى رواية بوليسية شهيرة لاجاثا كريستي من المؤكد ان القذافي قد قرأها من قبل واسمها " الرسالة الغامضة " .

اما المثل المصري فيقول :" اضرب الطويل بيخاف القصير " .... و" رضا هلال " هو " الطويل " فهو مساعد رئيس تحرير اهم جريدة مصرية .... اما " القصير " فهو مجموع الصحفيين المصريين المعارضين للقذافي او الذين عرفوا بمعارضتهم له وهم كثيرون .

ما علاقة هذا برواية " اجاثا كريستي " انفة الذكر ولماذا هذا التوقيت بالذات ؟ وما هي المواصفات التي يتمتع بها " رضا هلال " حتى يتم اختياره ليكون " الهدف " وما هي النتائج التي يمكن ان تحققها مخابرات معمر القذافي من خطف او قتل " رضا هلال " ؟



واضاف موقع مصراوى هذة المعلومات كالاتى
http://www.masrawy.com/News/Egypt/Politics/2009/august/10/rida_helal.aspx
- اكدت تقارير صحفية نقلا عن أسرة رضا هلال، مساعد رئيس تحرير الأهرام، المختفي منذ 6 سنوات، أن هلال "حي يرزق في سجن بالإسكندرية".

وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" نقلا عن محامي نقابة الصحفيين المصرية سيد أبو زيد إن النقابة لم تغلق ملف اختفاء هلال ولن تغلقه إلا بعد العثور عليه حيا أو ميتا، نحن لم نطلع حتى الآن على صورة من أوراق التحقيقات أو نسخ من تسجيلات لمكالماته الهاتفية التي سبقت اختفاءه.

وقال أسامة هلال شقيق الصحفي المختفي أنه تلقى معلومات أخيرا عن أن شقيقه "حي يرزق في سجن يقع في نطاق محافظة الإسكندرية"، موضحا: "علمنا من رسول من طرف رضا هلال أنه بخير وبصحة جيدة".

وأضاف شقيق هلال أن نقل هذه الرسالة تم عبر ضابط مناوبة كان يعمل في أحد سجون الإسكندرية، خلال شهر رمضان الماضي ، ثم جاءتنا بعد ذلك تأكيدات من جهات أخرى ، رفض السماح بنشر أسمائها، أنها " تُجمع على أن رضا هلال مسجون في الإسكندرية".

وأضاف أسامة "حين أطلب أنا أو أي من أفراد أسرتي، من تلك الجهات، رؤية رضا هلال، يقولون لنا إن دورهم ينتهي عند معرفة ما إذا كان على قيد الحياة أم أنه قد مات.. أكثر من ضابط من مستويات ورتب مختلفة أجمعوا على أنه حي يرزق، وأجمعوا على أنه في سجن انفرادي بالإسكندرية.. وضابط المناوبة الذي كان يعمل في سجن بالإسكندرية أرسل لي قريبا له، بمبادرة شخصية منه، وأخبرني بالرسالة الشفهية التي بعث بها رضا هلال، وهي أنه مسجون هناك في سجن انفرادي، وأنه بخير".

وقال أسامة هلال " إنه توجه إلى الأجهزة الأمنية المعنية في مصر، عقب تلقيه هذه الرسالة، وطلب تفسيرا لاحتجاز شقيقه.. لا أحد يريد أن يعطيني إجابة شافية.. أعتقد أنه مسجل هناك (في سجلات السجن) باسم مختلف عن اسمه الحقيقي.. أنا وحدي لا أستطيع أن أقوم بأي شيء".

وأشار هلال الى انه يسعى للتقدم ببلاغ للنائب العام المصري لإعادة فتح باب التحقيق في قضية رضا هلال، وتقديم ما لديه ولدى أسرته من معلومات جديدة، بما فيها المكان الذي تم فيه اختفاء رضا هلال، قبل وصوله إلى شقته بمنطقة قصر العيني، وليس بعد صعوده إلى الشقة كما نشر حينذاك.

وقال إن الأسرة خصصت لرضا هلال شقة في مسقط رأسه في مدينة السنبلاوين قرب مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية للإقامة فيها بعد عودته.. "أشياؤه فيها، كأنه موجود.. بها مكتبه ومكتبته التي تضم نحو 30 ألف كتاب، وباقي متعلقاته.. نحن نرفض السير في إجراءات إعلام الوراثة الخاص برضا هلال، لأن هذا الإجراء يتعلق بإعلان وفاته، أما رضا فما زال على قيد الحياة".

الجدير بالذكر ان هلال الذي كان يشغل منصب نائب مدير تحرير صحيفة الأهرام اختفى في ظروف غامضة في 11 أغسطس في العام 2003.

واختلفت الروايات حول طبيعة اختفاء هلال، فقد قالت صحف مصرية في حينها ان هلال اختفي بعد رجوعه إلى منزله، فيما أوردت تقارير أخري أن هلال لم يعد إلى منزله أصلا.

وعرف عن هلال مواقفه المناهضة للتيارات الإسلامية والقومية والمؤيدة لفكرة السلام مع إسرائيل، بالإضافة إلي تأييده لفكرة الحرب الأمريكية علي العراق في ابريل عام 2003.

هذة بعض التتبعات عن حالة اختفاء رضا هلال والذى يختفى مثلة الكثيرون او يموتون فى ظروف غامضة لاتعرف اسبابها
سنتتبع هذة الاثار الى ان نصل الى الحقيقة الغائبة

غموض اختفاء رضا هلال


رضا هلال صحفى مصرى اختفى منذ سبعةسنوات
ويقول البعض انهو مازل حيا ومعتقل فى برج العرب
تحت الارض؟؟؟
ولكن ماهى الحقيقة؟
وماذا فعل رضا هلال,لكى يختفى ؟
فاذا كان لم يعثر على جثتة حتى الان ,فحقيقة وجودة على قيد الحياة واردة؟

من هو رضا هلال الذى اغفلة الكثيرون؟
نقلت من موقع ويكيبيديا هذة المعلومات
رضا هلال صحفي مصري.شغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام كما عمل صحافيا في صحيفة عراقية إبان حرب الخليج الثانية، وصحافيا لصحيفة العالم اليوم وله كتب مؤلفة ومترجمة[1].

اختفى في طروف غامضة يوم 11 أغسطس 2003، وبعد ذلك التاريخ بعامين أعلنت جماعة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن اغتياله[2] إلا أن ذلك لم يتأكد، ولم تقدم أجهزة الأمن المصرية أية تفسيرات عن حادثة اختفائه، كما تتردد شائعات عن وجود دور ما لجهاز مخابراتي ما في اختفائه.[بحاجة لمصدر]

و قد قام أحد الصحفيين بإنشاء موقع لتتبع موضوع اختفاء رضا هلال والموقع هو: http://www.redahelal.com
ولكن للاسف لايتم تحديثة اولا باول

و قي أوائل أغسطس من عام 2009 ثناثرت أنباء غير مؤكدة مصدرها لبعض الصحف المصرية[3] نقلا عن شقيق رضا هلال أنه ما زال على قيد الحياة ولكنه قيد الحبس الإنفرادى في أحد سجون مدينة الإسكندرية الساحلية المصرية. ولم يتسن بعد تأكد هذه الأخبار من نفيها
يقول عنة اخية ماهر هلال فى موقع البحث عن رضا هلال


أدخل الى قسم أخبار الساعةأولا تعلمت منه إحترام الغير
ثانيا أن أكون واقعيا
ثالثا قيمة الوقت واحترام النفس
لقد تأخرت كيثرا فى كتابة هذا المقال ولكنى كنت فى موقف لا أحسد عليه
فما أكتب عنه الان ليس مجرد اخ لى بل صديق عزيز كن نختلف مع بعضنا فى بعض كتاباته ولكن سرعان مانتفق أما بإقناعه أو بإقناعىوكانت دائما ماتصيب توقعاته
عندما حضر من أمريكاكنت أقرأفى عينيه نظرة حسرةفقلت له أأنت نادم على حضورك لمصر فرد على بحزن لا إنما اريد ان تحضر حضارة وتقدم الاميركان لمصر كان يود ان تصبح مصر أفضل بلد فى العالم
عندما طلبت منه أن يساعدنى لكى أسافر رد على قأئلا وملها البلد دى وقتها حزنت كنت أريد أذهب إلى الخيال المزيف
هاهو رضاهلال الذى أطلق عليه بعض الحاقدين الرجعيين انه متأمرك بل هناك من أتهمه وسابه فى شخصه
ايها السادة أرجو ان يعلم الجميع أن رضا هلال شاب مصرى ريفى أصيل
مسلم من اسرة محافظة ومتدينة ومن يريد ان يتأكد من ذالك فعليه بالحضور
الى مسقط رأسه حتى يعلم بصدق كلامى
ويقول زميلة الصحفى سعيد سمير:
مر سنتين كاملتين علي اختفاء رضا هلال وما زال مصيره مجهول. بالرغم من كل ما قيل وكتب وبالرغم من الادعاءات الأخيرة باغتياله من قبل من يدعوا أنهم جماعة الجهاد المصري، لكن مازالت الحقيقة غائبة. في الآونة الأخيرة تلقيت بعض الرسائل تقترح إغلاق الموضوع وإغلاق الموقع واعتبار أن رضا قد توفاه الله بشكل أو آخر. في الحقيقة يصعب علي كثيرا إغلاق الموقع بالرغم من بعض الاتهامات والتهديدات الجوفاء الصبيانية بأن يكون الموقع مدعوم من المخابرات الأمريكية أو المصرية أو من رضا هلال نفسه أو من من قام باختطافه! وطبعا لأن المسألة ليست بحاجة إلي أي دعم وكان أملي كبيرا أن يظهر رضا هلال ويصبح الموقع له ولقرائه لكن بعد سنتين من الاختفاء لكن إن كان مازال الأمل موجود لكنه أصبح ضئيل جدا.

بالطبع أن اختفاء رضا هلال لم يكن مجرد حادثة عابرة، وبالطبع أيضا كان له تأثير كبير علي الكثيرين الذين قد يكونوا في وضع مشابه لوضع هلال بشكل أو بآخر. أكاد أجزم أن هناك الكثيرين الذين تسألوا هل من المحتمل أن يختفوا أيضا بهذه الطريقة! وهذا السؤال غالبا ما قد يكون له أثار مباشرة وغير مباشرة علي الفعل السياسي لمن لهم مثل هذا الدور. وبالرغم من أن هجرتي من مصر إلي ألمانيا ليس لها أي علاقة أو أبعاد سياسية مباشرة لكن بالتأكيد وللأسف لو كنت أعيش في مصر لظل هذا السؤال يراودني ويؤرقني دائما، من يكون الشخص التالي بعد رضا هلال؟ أعتقد أن الكثير ولا أستثني نفسي قاموا بالتفكير ماذا لو حدث ذلك معي؟ ولعل ما حدث كان المقصود به أن يأخذ الكثيرين حذرهم علي مبدأ اضرب المربوط يخاف السايب!

وبمراجعة سريعة لما وصلني من رسائل وما قرأته وتناقشت فيه أعتقد أنه من المرجح جدا أن سبب اختفاؤه سياسي بشكل أو بآخر وتنحصر الشكوك كما أعتقد في: أن رضا هلال قد حصل علي معلومات معينة (قد تكون متوفرة للكثير) ولكنه أراد استغلالها بشكل ما ولم يدرك عواقب ذلك. والجهات التي تدور حولها الشكوك هي:

- جهاز مخابرات دولة ما من مصلحتها اختفاء رضا هلال

- رجل سياسة أو أعمال تهددت مصالحة بمعلومات حصل عليها رضا هلال

- معارضة سياسية أو فكرية أو دينية!

- جريمة جنائية

والسؤال هنا ما الجديد، هذه هي نفس الاحتمالات التي ظهرت منذ يوم اختفاؤه وحتى الآن بعد سنتين من اختفاؤه! والإجابة هي نفس السؤال. الجديد انه بالرغم من مرور سنتين ومازالت نفس الاحتمالات بنفس النسب تقريبا قائما مما يرجح حدسها. أذكر عندما ذكرت اسم احد الوزراء للضابط الذي كان "يأخذ أقوالي عند وصولي إلي مصر بعد اختفاء رضا" عن الموضوع كان رده التلقائي العفوي بأن مثل هذه الأسماء فوق الشبهات أو بالأحرى فوق سلطاته وقدراته علي التحقيق والبحث بالرغم من أنه ذو رتبة ومركز أمني عالي ومرموق!

أما من الناحية القانونية، فلابد انه سوف يأتي يوم ويتم اعتباره المفقود متوفى وكل ما أتمناه ألا تستعجل اسرة هلال الموقف لسبب الميراث أو ثقل الانتظار أو غيره وتسرع باستصدار حكم باعتباره مات. ولعل التغييرات السياسية المتوقعة بين كل لحطة وأخرى في مناطق كثيرة من العالم تكون أملا في أن يظهر حل اللغز أو يظهر هلال نفسه! ولم لا فبعض المفقودين يبقوا في غياهب السجون أو الحبس سنوات ثم يعودوا للحياة. قد أكون متفائلا أكثر من اللازم ولكن في مثل هذه الظروف والأيام حالكة السواد (سياسيا) يصبح التفاؤل الأمل الوحيد للقدرة علي الاستمرار (أيضا سياسيا بالرغم من كل شئ).
ويقول زميلة الصحفى حسن ساتى بعد اختفائة بستين يوما
كتب حسن ساتي في الشرق الأوسط اليوم بمناسبة ستينية إختفاء رضا هلال معلومات خطيرة تعتبر (إن صحت) أول خيط حقيقي في لغز إختفاء رضا هلال. ساتي أنهى مقالتة برسالة مفتوحة الى المخابرات المصرية قائلا "ويا مخابرات مصر الفتية، افعلي شيئا، أو قولي بين حين وحين شيئا، لأن الصمت في هذه الحالة لن يكون ذهبا بأية حال.

اتهم موقع العرب تايمز المخابرات الليبية باختطاف رضا هلال حيث اضاف الموقع
http://www.arabtimes.com/Arab%20con/egypt/doc2.html
لكل مجرم بصمة ... وبصمات المجرم لا تقتصر على الاثار التي تتركها اصابعه في مكان الجريمة وانما تشمل ايضا الاسلوب الذي ارتكبت به الجريمة وطريقة التنفيذ وسلاح الجريمة وما يحيط بها من تأويلات ... وهو العالم الذي ابدعت في تجسيده الكاتبة البوليسية الرائعة " اجاثا كريستي " .

لقد اختفى الصحافي " رضا هلال " من منزله في القاهرة قبل اسبوعين بشكل مفاجيء ومثير للحيرة ولم يترك خلفه اي اثر يمكن تعقبه لحل لغز الاختفاء المفاجيء لصحافي كبير كان يشغل منصب مساعد رئيس تحرير جريدة الاهرام ... واهتمت الحكومة المصرية بكشف لغز الاختفاء حتى ان وزير الداخلية نفسه تراس مجموعة البحث عن الصحافي المختفي لان هذا اللغز - ان لم تجد له الشرطة تفسيرا - سيتحول الى
كابوس يطارد كل الكتاب والصحفيين المصريين الذين قد يتعرضوا للمصير نفسه

تابع المزيد

الموت الغامض لمصطفى مشرفة

مصطفى مشرفة
واحد من العلماء الذين عثر على جثثهم مغطاة بعلامات الاستفهام. وقد توفى في 16 يناير عام 1950 بطريقة بدائية للغاية .. بالسم.
كان د. مصطفى مشرفة أول مصري يشارك في أبحاث الفضاء, بل والأهم من ذلك كان أحد تلاميذ العالم ألبرت أينشتاين, وكان أحد أهم مساعديه في الوصول للنظرية النسبية, وأطلق على د. مشرفة لقب "أينشتاين العرب", وباتت ظروف وفاة د. مشرفة المفاجئة غامضة للغاية, وكانت كل الظروف المحيطة به تشير إلى أنه مات مقتولاً إما على يد مندوب عن الملك فاروق, أو على يد الصهيونية العالمية, ولكل منهما سببه.
قد يكون للنظام الملكي المصري في ذلك الوقت دور في قتله, خاصة إذا علمنا أن د. مشرفة قام بتشكيل جماعة تحت اسم "شباب مصر", كانت تضم عدداً كبيراً من المثقفين والعلماء والطلاب, وكانت تهدف لإقصاء نظام فاروق الملكي وإعلان مصر جمهورية عربية مستقلة. وذاع أمر هذه الجماعة السرية ووصلت أخبارها إلى القصر الملكي، مما يعطي للقصر مبرراً للتخلص من د. مصطفى. أما الصهيونية العالمية فيكفي أن نقول أن نظرتهم للطالبة النابغة د. سميرة موسى لن تختلف عن نظرتهم لأستاذها الأكثر نبوغاً د. مصطفى مشرفة, ولعبت الصهيونية لعبتها القذرة وهي التصفية الجسدية, وكانت نظرة واحدة تعني التخلص منهما ومن أمثالهما.
ومصطفى مشرفة هو عالم رياضيات وفيزياء مصري ولد عام 1898م . وفي عام 1917 م اختير لبعثة علمية لأول مرة إلى إنجلترا . التحق "علي" بكلية نوتنجهام Nottingham ثم بكلية "الملك" بلندن ، حيث حصل منها على بكالوريوس علوم مع مرتبة الشرف في عام 1923 م . ثم حصل على شهادة Ph.D (دكتوراة الفلسفة) من جامعة لندن في أقصر مدة تسمح بها قوانين الجامعة .
وقد رجع إلى مصر بأمر من الوزارة ، وعين مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا ، ثم سافر ثانية إلى إنجلترا وحصل على درجة دكتوراة العلوم D.Sc فكان بذلك أول مصري يحصل عليها .
في عام 1925 م رجع إلى مصر ، وعين أستاذًا للرياضيات التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة ، ثم مُنح درجة " أستاذ " في عام 1926 رغم اعتراض قانون الجامعة على منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين .
.
بدأت أبحاث الدكتور "علي مشرفة" تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وعمره لم يتجاوز خمسة عشر عامًا . ففي الجامعة الملكية بلندن King’s College نشر له أول خمسة أبحاث حول النظرية الكمية التي نال من أجلها درجتي Ph.D ( دكتوراه الفلسفة) و Dsc.(دكتوراة العلوم).
كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ ، حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية " أينشين " تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية .
ولقد أضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس ، إلا أن نظرية الدكتور مشرفة في الإشعاع والسرعة عدت من أهم نظرياته وسببًا في شهرته وعالميته ، حيث أثبت الدكتور مشرفة أن المادة إشعاع في أصلها ، ويمكن اعتبارهما صورتين لشيء واحد يتحول إحداها للآخر.. ولقد مهدت هذه النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات.
كان الدكتور "علي" أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب.. بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الأيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة.. إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الأيدروجينية ، وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة وروسيا..
تقدر أبحاث الدكتور "علي مشرفة" المتميزة في نظريات الكم والذرة والإشعاع والميكانيكا والديناميكا بنحو خمسة عشر بحثًا.. وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته إلى حوالي مائتين.. ولعل الدكتور كان ينوي جمعها ليحصل بها على جائزة نوبل في علوم الرياضيات .
دُعيَ من قبل العالم الألماني الأصل ألبرت أينشتين للاشتراك في إلقاء أبحاث تتعلق بالذرة عام 1945 كأستاذ زائر لمدة عام، ولكنه اعتذر بقوله: "في بلدي جيل يحتاج إلي"
توفى د . مشرفة في 16 يناير عام 1950 بالسم وباتت ظروف وفاة د. مشرفة المفاجئة غامضة للغاية وكانت كل الظروف المحيطة به تشير إلى انه مات مقتولا إما على يد مندوب عن الملك فاروق أو على يد الموساد الإسرائيلي ولكل منهما سببه.
قد يكون للنظام الملكي المصري في ذلك الوقت دور في قتله خاصة إذا علمنا أن د.مشرفة قام بتشكيل جماعة تحت اسم «شباب مصر» كانت تضم عدداً كبيراً من المثقفين والعلماء والطلاب وكانت تهدف لإقصاء نظام فاروق الملكي وإعلان مصر جمهورية عربية مستقلة، وذاع أمر هذه الجماعة السرية ووصلت أخبارها إلى القصر الملكي، مما يعطي للقصر مبرراً للتخلص من د.مصطفى ، أما الصهيونية العالمية فيكفي أن نقول أن نظرتهم للطالبة النابغة د. سميرة موسى لن تختلف عن نظرتهم لأستاذها الأكثر نبوغاً د. مصطفى مشرفة ولعبت الصهيونية لعبتها القذرة وهي التصفية الجسدية وكانت نظرة واحدة تعني التخلص منهما ومن أمثاله
منقووووووووووووووول

الخميس، 10 يونيو 2010

ماريو

جذور متآكلة
منذ تفتحت عيناه على ضجيج الحياة في حي محرم بك المزدحم ذاب عشقاً في جرس الترام . . الذي كلما ملأ أذنية خرج الى الشرفة يبتسم في انبهار وحيرة .. فنشأت بينه – منذ طفولته – وبين الترام قصة غرام دفعته للهرب من مدرسته . . والسعي وراءه راكباً لجميع خطوطه المختلفة ومحطاته.
ولم يدم هذا الحب كثيراً إذ اندفع فجأة نحو السيارات فالتصق حباً بها . . والتحم عقله وقلبه الصغير بموتور السيارة مستغرقاً وقته كله.. حتى أخفق في دراسته الابتدائية. . وأسرعت به خطاه الى أول ورشة لميكانيكا السيارات يمتلكها إيطالي يدعى الخواجة "روبرتو" الذي اكتشف هذا الحب الجارف بين الولد والموتور فعلمه كيف يتفاعل معه؟! ويفهمه ويستوعبه. ولم تكد تمضي عدة أشهر فقط إلا وكان محمد أشهر صبي ميكانيكي في ورشة الخواجة روبرتو.
كانت السيارات تقف موازية للرصيف بجوار الورشة بأعداد كبيرة. . تنتظر أنامل محمد الذهبية وهي تداعب الآلة المعدنية الصماء. . وتمر بين أجزائها في تناغم عجيب فتعمل بكفاءة ويتحسن صوت "نبض" الموتور .. ويزداد الصبي شهرة كل يوم. ورغم محاولات البعض استدراجه واستثمار خبرته وشهرته في عمل ورشة "مناصفة" بعيداً عن روبرتو، أجبروا على أن يتعاملوا معه كرجل لا كصبي في الخامسة عشرة من عمره. وكثيراً ما كان ينزعج عندما كان يخرج الى الكورنيش مع أقرانه بسبب توقف السياراة ودعوة أصحابها له ليركب حتى منزله، فكبرت لدى الصبي روح الرجولة وارتسمت خطوطها المبكرة حيث كان مبعثها حبه الشديد للعمل والجدية والتفكير الطويل.
وبعد عدة سنوات كانت الأحوال والصور قد تغيرت.
صار الصبي شاباً يافعاً خبيراً بميكانيكا السيارات. تعلم اللغة الإيطالية من خلال الخواجة روبرتو والإيطاليين المترددين على الورشة وأصبح يجيد التعبير بها كأهلها.. فأطلق عليه اسم "ماريو".
وعندما لسعته نظرات الإعجاب من "وجيدة".. دق قلبه بعنف وانتبه لموعد مرورها أمام الورشة حين عودتها من المدرسة. فواعدها والتقى بها ولم يطل به الأمر كثيراً. . إذ تقدم لأسرتها وتزوجها بعدما اقنعتهم رجولته وسمعته الحميدة وشقته الجميلة في محرم بك.
ثمانية أعوام من زواجه وكانت النقود التي يكسبها تستثمر في ورشة جديدة أقامها بمفرده. ومنذ استقل في عمله أخذ منه العمل معظم وقته وفكره حتى تعرف على فتاة قاهرية كانت تصطاف مع أهلها بالإسكندرية وأقنعها بالزواج.. ولأنها كانت ابنة أسرة ثرية فقد اشترى لها شقة في الدقي بالقاهرة وأثثها.. وأقام مع عروسه "تغريد" لبعض الوقت ثم عاد الى الاسكندرية مستغرقاً في عمله متنقلاً ما بين وجيدة وتغريد ينفق هنا وهناك. وعندما توقف ذات يوم على الطريق الصحراوي بالقرب من الرست هاوس بجوار سيارة معطلة. . أعجبته صاحبة السيارة ودار بينهما حوار قصير. . على أثره ركبت معه السيارة الرائعة الى القاهرة .. وفي الطريق عرف أنها راقصة مشهورة في شارع الهرم .. لسهر معها في الكباريهات وتنقل معها هنا وهناك. . ثم جرجرته معها الى شقتها. .واعترف ماريو أن هذه الراقصة كانت أول من دفعه والخطوة الأولى نحو حبل المشنقة. . ويقول في اعترافاته التفصيلية. . (يتبع)
الجسد ينادي
في تلك الليلة شربت كثيراً وكلما رأيت جسد الراقصة المثير يرتعش أمام الزبائن ترتعش في جسدي خلجات الرغبة، وبعدما انتهت من فقراتها الراقصة في أربعة كباريهات . . عدنا الى شقتها في المهندسين وبدلاً من أن أنام أو أذهب لشقتي حيث تنتظرني تغريد . . وجدتني أطوق خصرها بشدة وأطلب منها أن ترقص لي وحدي، فأبدلت ملابسها وعادت لي بلباس الرقص الشفاف الذي سلب عقلي وأفقدني الصواب.
وذهبت الى تغريد التي وجدتها تشتاق الى جيوبي قبلما تشتاق الي .. فافتعلت مشاجرة معها وعدت ثانية الى الراقصة التي استقبلتني فرحة .. ومنذ ذلك اليوم وأنا لا أكاد أفارقها أو أبتعد عنها لأواصل عملي في الوشة.
لقد استعنت ببعض الصبية الذين دربتهم على القيام بالعمل بدلاً مني .. فكنت أتغيب لعدة أيام في القاهرة وأعود لأجمع ما ينتظرني من مال لديهم . . وسرعان ما أرجع لأنفقه على الداعرات والراقصات . . ونساء يبعن بناتهن ورجال يبيعون لحم زوجاتهم من أجل جنيهات قليلة.
ولأن للفلوس مفعول السحر فقد كنت أعامل كملك . . لأنني أصرف ببذخ على من يحطن بي من فتيات ونساء أشبعنني تدللاً . . وصورنني كأنني الرجل الأول لديهن، فأطلقت يدي ومددتها الى مدخراتي في البنك شيئاً فشيئاً حتى أصبح رصيدي صفراً وتحولت الورشة الى خرابة بعدما سرق الصبيان أدواتها وهرب منها الزبائن.
حاولت أن أثوب الى رشدي وكان الوقت قد فات، وخسرت سمتي بعدما خسرت نفسي. . وأصبحت مصاريف وجيدة وتغريد تمثل عبئاً قاسياً على نفسي وأنا الذي لم يعضني الجوع أو تثقلني الحاجة من قبل . . فتألمت لحالي وقررت أن أخطو خطوة سريعة الى الأمام وإلا . . فالمستقبل المجهول ينتظرني والفقر يسعى ورائي بشراسة ولا أستطيع مجابهته.
تشاو .. تشاو .. تشاو ..
استخرجت جواز سفر وحصلت على عناوين لبعض زبائني القدامى في إيطاليا وركبت السفينة الإيطالية "ماركو" الى نابولي. . وبعدما رأيت أضواء الميناء تتلألأ على صفحة المياه صحت بأعلى صوتي تشاو .. تشاو نابولي.
وفي بنسيون قديم حقير وقفت أمام صاحبه العجوز أسأله هل زرت مصر من قبل؟ فقال الرجل لا . . ضحكت وقلت له أنني رأيتك في الاسكندرية منذ سنوات فجاءتني زوجته تسبقها حمم من الشتائم قائلة:
ماذا تريد أيها المصري من زوجي؟ أتظن أنك فهلوي؟ انتبه لنفسك وإلا . . ففي نابولي يقولون: إذا كان المصري يسرق الكحل من العين .. فنحن نسرق اللبن من فنجان الشاي. وكان استقبالاً سيئاً في اول أيامي في إيطاليا.
في اليوم التالي حاولت أن أتعرف على السوق وبالأخص أماكن بيع قطع الغيار المستعملة . . ولكن صديقاً إيطالياً توصلت إليه أخبرني أن في "ميلانو" أكبر أسواق إيطاليا للسيارات القديمة والمستعملة . . وثمنها يعادل نصف الثمن في نابولي. فاتجهت شمالاً الى روما وقطعت مئات الكيلو مترات بالقطار السريع حتى ميلانو .. وبالفعل كانت الأسعار هناك أقل من نصفها في نابولي.. والتقيت في ميلانو بأحد زبائني القدامى الذي سهل لي مهمتي. . ولفت انتباهي الى أماكن بيع منتجات خان الخليلي في ميلانو بأسعار عالية.
ابتعت طلباتي من قطع غيار سيارات الفيات 125 غير المتوافرة في السوق المصرية وعدت الى الاسكندرية وخرجت من الجمرك بما معي من بضائع بواسطة زبائني الذين يعملون في الدائرة الجمركية .. وقمت ببيع قطع الغيار بأضعاف ثمنها وذهبت الى خان الخليلي واشتريت بعضاً من بضائعه وسافرت مرة ثانية الى إيطاليا. . واعتدت أن أنزل ببنسيون "بياتريتشي" في روما ثم أتجه الى ميلانو لعدة أيام .. أنجز خلالها مهمتي وأعود ثانية الى روما ونابولي ثم الى الاسكندرية.
اعتدت السفر كثيراً وبدأت الأموال تتدفق بين أصابعي من جديد .. واتسعت علاقاتي بإيطاليين جدد بالإضافة للأصدقاء القدامى الذين يكنون لي كل الود.
وفي ذات مرة وبينما كنت في خان الخليلي أنتقي بعض المعروضات التي أوصاني صديق إيطالي بشرائها. . سألتني فتاة تبيع في محل صغير عما أريده .. وساعدتني في شراء بضائع جيدة بسعر رخيص وتكررت مرات الذهاب للشراء بواسطتها ولما عرفت أنني أسافر الى إيطاليا بصفة مستمرة عرضت علي أن تسافر معي ذات مرة. . لتشتري سيارة فيات مستعملة لتشغيلها تاكسياً في القاهرة. واطمأنت "زينب" وهذا هو اسمها – عندما أخبرتها أنني أعمل ميكانيكياً وأقوم بالإتجار في قطع الغيار. وتركتها لتجمع المبلغ المطلوب ثم أرسل لها من إيطاليا لأنتظرها هناك.
أراد أصدقائي الإيطاليين أن أظل بينهم وأمارس عملاً ثابتاً أحصل بمقتضاه على إقامة في إيطاليا. وقد كان. . إذ سرعان ما وجدوا لي عملاً في شركة "راواتيكس". . وبعدما حصلت على تصريح عمل وإقامة .. لم تتوقف رحلاتي الى الاسكندرية . . فالمكسب كان يشجع على السفر بصفة مستمرة لكي أعرف احتياجات سوق قطع غيار السيارات في مصر . . والذي كان يمتصها بسرعة فائقة.
وفي إحدى هذه السفريات وبينما كنت في مطار روما تقابلت بالصدفة مع صديق إيطالي قديم – يهودي – كانت بيننا "عشرة" طويلة واسمه "ليون لابي" فتبادلنا العناوين، وبعد عدة أيام جاءتني مكالمة تليفونية منه وتواعدنا للقاء في مطعم مشهور في ميلانو.
أشفق "لابي" كثيراً على حالي بعدما شرحت له ظروفي وتعثراتي المالية وزواجي من امرأتين ..
وسألته أن يتدبر صفقة تجارية كبيرة أجني من ورائها أموالاً طائلة . . فضحك "لابي" وقبل أن يقوم لينصرف ضربني على ظهر يدي وقال لي:
"لا تقلق ماريو . . غداً سأجد لك حلاً، لا تقلق أبداً".
القتيــــــــــــل المصيدة
في اليوم التالي وفي الثامنة مساء
وقفت مرتبكاً للحظات أمام الباب المغلق. . ثم نزلت عدة درجات من السلم وأخرجت علبة سجائري وأشعلت سيجارة . . وعندئذ سمعت وقع خطوات نسائية بمدخل السلم فانتظرت متردداً. . وعندما رأيت الفتاة القادمة كدت أسقط على الأرض.
كانت هي بنفسها الفتاة التي واقعتها في شقة "لابي" لكن ابتسامتها حين رأتني مسحت عني مظاهر القلق وهي تقول:
بونجورنو
فرددت تحيتها بينما كانت تسحبني لأصعد درجات السلم ولا زالت ابتسامتها تغطي وجهها وقالت في دلال الأنثى المحبب:
أنا لم أخبر سنيور لابي بما حدث منك ..
قلت في ثقة الرجل:
لماذا؟ ألم تهدديني بالانتحار من النافذة؟
بهمس كأنه النسيم يشدو:
أيها الفرعوني الشرس أذهلتني جرأتك ولم تترك لي عقلاً لأفكر .. حتى أنني كنت أحلم بعدها بـ "أونالترا فولتا"، لكنك هربت!!
قلت لها:
ياليتني فهمت ذلك.
وانفتح الباب وهي تقول:
هل ترفض دعوتي على فنجان من القهوة الايطالية؟
ووجدت نفسي في صالة القنصلية الاسرائيلية والفتاة لا زالت تسحبني وتفتح باب حجرة داخلية لأجد "لابي" فجأة أمامي. قام ليستقبلني بعاصفة من الهتاف:
ميو أميتشو . . ماريو . . أهلاً بك في مكتبك.
وهللت الفتاة قائلة:
تصور . . تصور سنيور لابي أنه لم يسألني عن اسمي؟
قهقه لابي واهتز كرشه المترهل وهو يقول بصوت جهوري:
شكرية . .شكرية بالمصري سنيور ماريو تعني: جراتسيللا.
واستمر في قهقهته العالية وصرخت الفتاة باندهاش:
أيكون لاسمي معنى بالعربية؟ اشرحه لي من فضلك سنيور ماريو.
وكانت تضحك في رقة وهي تردد:
شوك . . ريا . . شوك . . ريا . جراتسيللا شوك .. ريا.
ولم يتركني لابي أقف هكذا مندهشاً فقال للفتاة:
أسرعي بفنجانين من الـ "كافي" أيتها الكافيتييرا جراتسيللا.
واستعرض لابي في الحديث عن ذكرياته بالاسكندرية قبل أن يغادرها الى روما في منتصف الخمسينيات. . وأفاض في مدح جمالها وشوارعها ومنتزهاتها. . ثم تهدج صوته شجناً وهو يتذكر مراتع صباه وطال حديثنا وامتد لأكثر من ساعتين بينما كانت سكرتيرته الساحرة جراتسيللا لا تكف عن المزاح معي وهي تردد:
شوك . . ريا .. سنيوريتا شوك . . ريا . .
وعندما سألتني أين أقيم فذكرت لها اسم الفندق الذي أنزل به. . فقالت وكأنها لا تسكن ميلانو:
لم أسمع عن هذا الفندق من قبل.
رد لابي قائلاً:
إنه فندق قديم غير معروف في الحي التاسع "الشعبي".
قالت في تأفف:
أوه . . كيف تقيم في فندق كهذا؟
قال لابي موجهاً كلامه اليها:
خذيه الى فندق "ريتزو" وانتظراني هناك بعد ساعتين من الان.
وربت لابي على كتفي في ود وهو يؤكد لي أنه يحتاجني لأمر هام جداً لن أندم عليه وسأربح من ورائه الكثير.
ليوباردو . . ماريو
وركبت السيارة الى جوار جراتسيللا فانطلقت تغني أغنية "بالوردو بيلفا" أي "أيها الوحش الضاري" وفجأة توقفت عن الغناء وسألتني:
هل تكسب كثيراً من تجارتك يا ماريو؟
قلت لها:
بالطبع أكسب . . وإلا . . ما كنت أعدت الكرة بعد ذلك مرات كثيرة. .
كم تكسب شهرياً على وجه التقريب؟
حوالي ستمائة دولار.
قالت في صوت مشوب بالحسرة:
وهل هذا المبلغ يكفي لأن تعيش؟ إن لابي يشفق لحالك كثيراً سنيور ماريو.
سنيور لابي صديقي منذ سنوات طويلة .. وأنا أقدر له ذلك.
إنه دائماً يحدثني عن الإسكندرية .. له هناك تراث ضخم من الذكريات . .!!
وفي فندق ريتز .. صعدنا الى الطابق الثاني حيث حجزت لي جراتسيللا جناحاً رائعاً وبينما أرتب بعض أوراقي فوجئت بها تقف أمامي في دلال وبإصبعها تشير لي قائلة:
"أونالترا فولتا" أيها المصري وهذه المرة "للإيطاليا نيتا" . . "محبة الوطن الإيطالي".
وغرست أظافرها بجسدي بينما كنت أرتشف عبير أنوثتها وأتذوق طعمها الساحر وكانت لا تكف عن الهتاف:
ليوباردو . .ليوباردو .. ماريو إيجتسيانو .
وعندما جاء لابي كان من الواضح أننا كنا في معركة شعواء انتهينا منها تواً.. أخرج من جيبه مظروفاً به خمسمائة دولار وقال لي إنه سيمر علي صباح الغد. .
وأوصاني أن أنام مبكراً لكي أكون نقي الذهن. وانصرفا بينما تملكتني الأفكار حيرى. . ، ترى ماذا يريد مني؟ وما دخلي انا فيما يريده لابي؟؟
وفي العاشرة والنصف صباحاً جاء ومعه شخص آخر يتحدث العربية كأهلها اسمه "ابراهيم" . . قال عنه لابي إنه خبير إسرائيلي يعمل في شعبة مكافحة الشيوعية في البلاد العربية.
رحب ابراهيم بماريو وقال له بلغة جادة مفعمة بالثقة:
إسرائيل لا تريد منك شيئاً قد يضرك . .فنحن ناحرب الشيوعية ولسنا نريدك أن تخون وطنك. . مطلقاً. . نحن لا نفكر في هذ الأمر البتة. وكل المطلوب منك.. أن تمدنا بمعلومات قد تفيدنا عن نشاط الشيوعيين في مصر وانتشار الشيوعية وخطرها على المنطقة.
وأردف ضابط المخابرات الاسرائيلي: كل ذلك لقاء 500 دولار شهرياً لك.
وعندما أوضحت له أنني لا أفهم شيئاً عن الشيوعية أو الاشتراكية. وأنني أريد فقط أن أعيش في سلام. ذكرني لابي بأحوالي السيئة بالاسكندرية والتي أدت الى تشتتي هكذا بعدما كنت ذا سمعة حسننة في السوق. واعتقدت أنني يجب ألا أرفض هذا العرض. . فهي فرصة عظيمة يجب استغلالها في وسط هذا الخضم المتلاطم من الفوضى التي لازمتني منذ أمد .. وتهدد استقرار حياتي.
الحصار في روما
عندما تسلمت زينب الرسالة الوافدة من إيطاليا، لم تكن تصدق أن يهتم بها هذا العابر المجهول الى هذا الحد. كانت قد نسيته بعدما مرت عدة أشهر منذ التقت به في خان الخليلي حيث تعمل بائعة في محل للأنتيكات والتحف. وبعدما تردد عليها عدة مرات عرضت عليه السفر معه الى إيطاليا لتشتري سيارة لتشغيلها سيارة أجرة في القاهرة .. فوعدها بأن يساعدها ثم اختفى فجأة ولم يعد يذهب اليها . . حتى جاءتها رسالته تحمل طابع البريد الايطالي وعنوانه وتليفونه هناك.
أسرعت زينب بالخطاب الى خالها الذي يتولى أمرها بعد وفاة والديها، ولكنه عارض الفكرة وعندما رأى منها إصراراً رضخ للأمر ووافقها..
سنوات وزينب تحلم بالسفر الى الخارج للعمل. لقد بلغت الرابعة والعشرين من عمرها، ولم ترتبط بعد بعلاقات عاطفية تعوق أحلامها. لذلك تفوقت في دراستها بكلية الآداب – جامعة عين شمس وعشقت اللغة الإنجليزية عشقاً كبيراً. . والتحقت بعد الجامعة بالعمل في خان الخليلي بالقرب من بيتها في شارع المعز لدين الله بحي الجمالية. . حيث مسجد الحسين ورائحة التاريخ تعبق المكان وتنتشر على مساحة واسعة من الحي القديم العريق.
حجزت زينب تذكرة الطائرة ذهاباً وإياباً على طائرة مصر للطيران .. وبحقيبتها كل ما لديها من مال وفرته لمثل هذه الفرصة. وفي مطار روما كان ماريو بانتظارها يملؤه الشوق لأول الضحايا الذين سيجندهم للعمل لصالح المخابرات الاسرائيلية.
وعندما رأته كانت كمن عثر على شيء ثمين. إذ صدمتها اللغة الإيطالية التي لا تعرف منها حرفاً واحداً. . وسرت كثيراً عندما وجدت ماريو يتحدث بها "كالطليان" أصحاب البلد. اصطحبها الى فندق رخيص في روما ثم تركها لتستريح وذهب هو الى مسكنه ليرتب خطة تجنيدها التي رسم خطوطها عدة مرات. .
وفي الصباح ذهب الى الفندق حيث كانت الفتاة تنتظره فأخذها في جولة رائعة بسيارته لمنتزهات روما وأماكنها السياحية. ثم ذهب بها في اليوم التالي الى أماكن بيع السيارات المستعملة. معتمداً أن يرفع لها أسعار السيارات مستغلاً جهلها باللغة الايطالية. . واعتمادها عليه أولاً وأخيراً.
وتعمد أيضاً أن تطول مدة إقامتها في روما للبحث عن فرصة شراء سيارة أفضل وأرخص وأقنعها بشراء فيات 125 دفعت فيها معظم ما تملكه من مال. . وما تبقى معها كان يكفي بالكاد مصاريف الشحن الى الاسكندرية.
وصدمت الفتاة بعدما تبين لها أن فاتورة الفندق امتصت النصيب الأكبر من نقودها .. ولم تعد تملك مصاريف الشحن كاملة. لقد خدعها ماريو عندما ذكر لها أرقاماً تقل بكثير الحقيقة عند شحن السيارة.
صيد الغزلان
تركها ماريو لعدة أيام دون أن يتصل بها بحجة أنه كان في ميلانو. وبكت زينب في حرقة وهي تحكي له عن حالها. . وكيف انها لم تعد تملك أية أموال لتعود الى مصر بالسيارة الواقفة أمام الفندق ومتوسلة رجته أن يساعدها فوعدها بذلك.
ومرت ثلاثة أيام أخرى كانت زينب قد باعت حليها ولم تتبق معها سوى ساعة يدها الجوفيال التي لا تساوي شيئاً يذكر.
حاصرها ماريو جيداً وأفقدها التفكير واستعمل معها أسلوب "صيد الغزلان" بأن أغلق أمامها كل الطرق.. وترك لها فتحة ضيقة لتنفذ منها الى شبكته لتقع فيها ولا تخرج. وظهر لها فجأة بعد غياب عدة أيام معتذراً بشدة .. واصطحبها للعشاء بأحد المطاعم الراقية. . وبعد أن جلسا عزفت الموسيقى مقطوعة إيطالية شهيرة عنوانها "مولتي جراتسي ميو أميتشو" أي "شكراً جزيلاً يا صديقي" فقالت زينب لماريو:
طلبت منك قرضاً أرده لك في مصر فلم تجبني.
اعتدل ماريو في مقعده وقال بسرعة:
نعم . . نعم . . لا مشكلة إذن . . بعد غد سأتلوى شحن سيارتك الى الاسكندرية.
ولِم بعد غد؟
مشغول أنا غداً. . ولا أملك وقتاً مطلقاً "قالها ماريو وتعمد ألا ينظر لوجهها".
لقد وعدتني أن تدبر لي عملاً هنا في روما. فإن ذلك سيعفيك من إقراضي أية أموال.
ماذا تقولين؟ ألم أخبرك أنني أبحث بالفعل عن عمل مناسب لك؟
أنت تقول "قالتها زينب مليئة بالحسرة والإحساس بالندم"
فما كان من ماريو إلا أن أجاب:
عموماً . . بعد غد ستكون سيارتك على ظهر السفينة. أفهمت؟
وفي تلك اللحظة .. اقترب منها رجل وسيم تعدى الخمسين بقليل وقال بالإنجليزية بأدب جم: أتسمحان لي بأن أطلب من إدارة المعطم إغلاق جهاز التكييف الحار حتى لا نصاب جميعاً بالبرد عند الخروج؟
ردت زينب في حماس بالغ ممزوج بالعرفان:
تفضل . . وشكراً يا سيدي
أردف الرجل قائلاً:
معذرة . . هل أنت تونسية؟
أجابته بأن لكنتها تدل على ذلك وضحكت وقالت في افتخار:
أنا من الجمهورية العربية المتحدة. من القاهرة.
هتف الرجل سعيداً:
أوه . .ناسر . . يا له من زعيم عبقري.
وفي حركة مسرحية سريعة مد الرجل يده الى محفظته.. وأخرج منها صورة لعبد الناصر يشرب من "القلة" ويجلس على الأرض بجوار صلاح سالم وأردف قائلاً:
تمنيت أن أراه وأصافحه ذات يوم. فهل يتحقق لي ذلك؟
تعال الى القاهرة يا سيدي وأعتقد أن ذلك ليس بالشيء الصعب.
هكذا قالت زينب بفخر، وهي تتكلم الانجليزية بطلاقة. .، وتكلم ماريو يخاطب الرجل بالإيطالية:
أنتم تكرهون ناصر في الغرب . . وفي الشرق تتوقف الحياة تماماً حينما يتكلم .. تناقض غريب.
أجاب الرجل في بشاشة:
نعم يا سيد .. ؟
ماريو . . ماريو إيجتسيانو "ماريو المصري".
نعم . . نعم سنيور ماريو هذه حقيقة لا ننكرها.. فمنذ أزمة القناة والغرب لا ينسى ذلك لناصر أبداً.
واعترضت زينب على حوارهما بالإيطالية فقال لها ماريو إن لغته الإنجليزية ضعيفة جداً .. وجاءت فاتورة الحساب ففوجئت زينب بالرجل الغريب يصر على دفعها.. وعندما تمسك ماريو بأريه قال الرجل:
إذن .. هلا قبلتما دعوتي على العشاء غداً؟
أجاب ماريو موافقاً بينما تحرجت زينب ثم فاجأهما ماريو بإعلان اعتذاره لارتباطه طوال الغد .. فأبدى الرجل الأنيق تفهمه ونظر الى زينب فتراجعت الكلمات على لسانها .. عندها لم يمهلها وقتاً طويلاً لتفكر وقال موجهاً حديثاً اليها أنه سيلتقي بها في الثامنة مساء الغد في مطعم "فريسكو" .. فقالت زينب في اضطراب "بعدما نظر اليها ماريو موافقاً" إنها لا تعرف الأماكن جيداً. وبدأ الرجل سيلاً من الأسئلة عن جوانب حياتها فأجابته زينب بحسن نية وأخيراً قال لها في دبلوماسية شديدة تدل على خبرة عالية في إدارة حوار:
لقاء الغد ستترتب عليه أشياء كثيرة مهمة لكلينا .. !!
وبعد انتهاء السهرة صحبهما بسيارته الفارهة وأنزل زينب أمام فندقها وانصرف. . وقضت هي وقتاً طويلاً تفكر فيما يقصده بعبارته الأخيرة. وماذا سيترتب عليها من أشياء مهمة؟؟
وفي مساء اليوم التالي كان في انتظارها بردهة الفندق كما اتفقنا بالأمس . . وأخذها في جولة ليلية بنوادي روما وشوارعها ثم دلفا معاً الى مطعم فريسكو الشهير .. حيث الأنواع الغريبة من الأسماك والمحار وكائنات بحرية مدهشة.
كان الرجل قد التمس مكاناً هادئاً في ركن بعيد وتوقعت زينب بأنه من زبائن المطعم المعروفين، للاحترام الجم الذي قوبل به. ولكنه انتشلها من حيرتها وقال لها بحرارة:
آنسة زينب .. منذ الأمس وأنا في حيرة شديدة. . وكما تعلمين فأنا رجل أعمال بريطاني معروف . . والذي لا تعرفينه أنني انفصلت عن شريك لي منذ مدة قصيرة .. وكنت أنوي توسيع أعمالي في لندن لكن أشار علي البعض باستثمار مشاريع إنمائية في جنوب أفريقيا . . وقمت بالفعل بالسفر الى جوهانسبرج وزيارة كيب تاون وحصلت على بعض تقارير اقتصادية لتساعدني في اتخاذ قراري. حتى كان لقاء الأمس الذي سبب لي حيرة شديدة فبرغم حبي لناصر إلا أنني لم أفكر من قبل في السفر الى القاهرة لدراسة السوق المصرية وإقامة بعض مشروعاتي بها.
وتنهد الرجل فيما يشبه إحساساً بالندم وأردف:
إنني الآن – وبإصرار وثقة – أريد اقتحام السوق العربية من خلال مصر. ومن خلالك أنت.
قالت له زينب في دهشة:
من خلالي أنا؟
نعم . . فأنت مصرية وجامعية طموحة .. تملكين اللغة العربية والإنجليزية والثقافة. . ويمكنني الاعتماد عليك في إعداد تقرير اقتصادي عن أحوال مصر الاقتصادية ومشاكل التنمية بها ومعوقات السوق. ومن خلال هذا التقرير سأقرر ما إذا كنت أستطيع إقامة مشاريع إنمائية في مصر من عدمه. ولذلك فهذا الأمر مهم بالنسبة لي ولك .. لأنك ستكونين مديرة لفرع القاهرة وتملكين حق اتخاذ قرارات لصالح مؤسستنا.
حلم اليتيم
انفرجت أسارير زينب وهللت بشراً وسعادة لهذا الخبر المنهمر الذي أغدق عليها فجأة. كانت تجلس أمامه ولا تملك بحقيبة يدها سوى ستة وعشرين دولاراً وبضع ليرات إيطالية لا تكفي ليوم آخر في روما. . واغرورقت عيناها بدموع الفرح عندما فاجأها قائلاً:
ومنذ اليوم سيكون راتبك ثلاثمائة دولار شهرياً.
صرخت بأعماقها لا تصدق أن غيمة النحس قد انقشعت . . وأن الحياة عادت لتضحك من جديد.. لقد مرت بها سنوات من الجوع والحرمان والحاجة .. وكلما ارتقت درجة من درجات الأمل انزلقت الى الوهم وأحلام الخيال. الآن جاءت أحلام الواقع لتزيح أمامها الأوهام فتتراجع القهقري.
كانت تبدو من قبل وكأنها تغرق في لجج من ماء ذي قوام .. الآن تطير في سماوات من الصفو اللذيذ. أخيراً تحقق الحلم الذي طال انتظار اليتيم له. حلم ليس بالمستحيل ولكنه كان المستحيل نفسه.
يا الله.... قالتها زينب وهي تتنهد فتغسل صدرها الصغير من تراكمات اليأس وخيوط الرجاء.
أوصلها الرجل الى الفندق بعدما منحها 600 دولار مرتب شهرين ودفع عنها حساب الفندق. وفوجئت زينب بماريو يسرع بحشن سيارتها ودفع مصاريفها ويودعها بالمطار.
وفي مقعدها بالطائرة أغمضت عينيها وجلست تفكر في أمر ماريو. لقد أخبرته بأمر الجل فأظهر موافقته. وبرغم كونه تاجراً لم يأخذ منها مصاريف الشحن . . بل ألح عليها كثيراً لكي تأخذ منه مائة دولار في المطار. وسلمها حقيبة هدايا بها علبة ماكياج كاملة وزجاجتا بارفان وحزام جلدي أنيق.
تشككت زينب في هذه الأمور وأخذت من جديد تستعرض شريط ما مر بها في روما. وتذكرت الدورة الارشادية التي حضرتها في أحد مدرجات جامعة القاهرة قبل سفرها بأيام. كان المحاضر يشرح أساليب الموساد في اصطياد المصريين في الخارج. ولأن ماريو مصري مثلها ومجريات الأمور كلها كانت شبه طبيعية.. فقد طردت وساوسها التي تضخمت الى حين .. وقررت أمراً في نفسها.
وفي مطار القاهرة انتحت بأحد الضباط جانباً وسألته سؤالاً واحداً. وفي اليوم التالي . . كانت تستقل سيارة صحبتها الى مقر جهاز المخابرات المصرية.. قالت كل شيء بدقة وسردت تفاصيل رحلتها الى ايطاليا وكيف خدعها ماريو لتنفق كل ما لديها من نقود. وحكت ظروفها النفسية السيئة التي مرت بها وكيفية تقرب رجل الأعمال البريطاني منها في تلك الظروف. وكيف شحن ماريو سيارتها الى الاسكندرية على نفقاته.. وهو التاجر الذي يسعى للكسب. . ؟ بل إنه عرض عليها مائة دولار أخرى. ولماذا لم يعطها رجل الأعمال عنوانه في بريطانيا لتراسله وتبعث اليه بالتقارير التي طلبها؟ لقد أخبرها أن ماريو سيسافر الى القاهرة عما قريب وعليها أن تسلمه التقرير الاقتصادي الوافر الذي ستعده عن مصر.
وتذكرت زينب أيضاً كيف أن ماريو طلب منها في المطار أن تهتم جيداً بالعمل الذي أوكل اليها ولا تهمله. وعندما سألته هل لديك عنوان مكتب رجل الأعمال ؟!! أجاب بنعم في حين أنه من المنطقي أن يكون معها عنوانه. لقد سلمها 600 دولار وهي بلا شك لقاء قبولها التجسس على وطنها.
صراع العقول
وفوجئت زينب بما لم تتوقعه على الإطلاق . .صور عديدة لها مع ماريو . .قال ضابط المخابرات المصري أن المخابرات العربية على علم بأمره . . وتراقب تحركاته وتنتظر دليل إدانته وقال لها أيضاً:
إن إسرائيل منذ قيامها في عام 1948 وهي تسعى بشتى السبل لمعرفة كل ما يجري في البلاد العربية من نمو اقتصادي وتسلح وما لديها من قوات وعتاد .. ولذلك لجأت لشراء ضعاف النفوس والضمائر وجعلتهم يعملون لحسابها.. وينظمون شبكات التجسس المتعددة في العواصم العربية. . حتى إذا كشفت واحدة تقوم الأخرى مكانها وتتابع نشاط جواسيسها. وتنفق إسرائيل الملايين على هذه الشبكات للصرف عليها.
وأن السبب الرئيسي لسقوط بعض الأفراد في مصيدة المخابرات الإسرائيلية هو ضعف الحالة المادية. وبالإضافة الى الأموال الطائلة التي تنفقها الموساد على عملائها. . فإنها تغرقهم أيضاً في بحور الرغبة وتشبع فيهم نزواتهم . . وبذلك تتم له السيطرة عليهم.
لذا .. فقد أعلنت المخابرات المصرية في يناير عام 1968 بأنها ستساعد كل من تورط مع العدو .. ووقع في فخ الجاسوسية بالإغراء أو التهديد. وأنها على استعداد للتغاضي عن كل ما أقدم عليه أي مواطن عربي .. إذا ما تقدم بالإبلاغ عن تورطه مع الموساد مهما كان منغمساً في التجسس . . وذلك لتفويت الفرصة على المخابرات الإسرائيلية.
ووعد الزعيم جمال عبد الناصر صراحة بحماية كل من تورط بالتجسس لأي سبب. وقد أسفرت هذه الخطة عن تقدم سبعة مصريين الى جهاز المخابرات المصرية يعترفون بتورطهم ويشرحون ظروف سقوطهم.
وأضاف الضابط:
لقد تكلمنا مع ماريو عدة مرات من قبل . . وأفهمناه بطريقة غير مباشرة بأننا على استعداد لمساعدة المتورطين دون أن يعاقبوا. لكن يبدو أنه استلذ أموال الموساد. وسيسقط على يديك يا زينب لأننا سنحصل على دليل إدانته من خلالك.
ووضعت المخابرات المصرية خطة محكمة لاصطياد ماريو..
وفي أول اتصال هاتفي من روما بعد أيام من وصولها.. أخبرته زينب بأنها مشغولة "بترجمة الكتاب" – وهو مصطلح سبق لهما أن اتفقا عليه – وعندما سألها عن المدة التي تكفي لإنجاز "الترجمة" لأنه ينوي المجيء لمصر بعد يومين طلبت منه – حسب الخطة – أن يتأخر عدة أيام حتى تنجز العمل.
اطمأن ماريو وصديقه لردود زينب .. وقنعا بأنها منهمكة في إعداد التقرير . . فلو أن هناك شيء ما يرتبت في الخفاء لما ترددت في إيهامه بأنها أنجزت ما طلب منها ..
وفي مكالمة أخرى بعدها بثمانية أيام . . زفت غليه النبأ الذي ينتظره . . وينتظره أيضاً رجال الموساد في روما. . وعلى ذلك أكد لها بأنه سيصل الى القاهرة عما قريب.
سقوط الخائن
وبعد اللقاء المسجل بالصوت والصورة. اتجه الخائن الى شارع نوال بالدقي حيث شقة زوجته تغريد. فمكث معها يوماً واحداً وحمل كاميرته الخاصة التي تسلمها من الموساد وركب الى الاسكندرية بالطريق الزراعي . . يصور المنشآت الجديدة التي تقوم على جانبي الطريق . . ويراقب أية تحركات لمركبات عسكرية أو شاحنات تحمل المدرعات . . وأمضى مع زوجته وجيدة عدة ساعات ثم عاد الى القاهرة مرة ثانية بالطريق الصحراوي .. وكرر ماريو هذا السيناريو لمدة أسبوع بشكل متصل..
كان إخلاصه للموساد قوياً كعقيدة الإنسان أو إيمانه بمبدأ ما.. فآلاف الدولارات التي حصل عليها من الموساد بدلت دماءه وخلايا مصريته وأعمته عن عروبته.. وجعلت منه كائناً فاقد الهوية والشعور .. بل كان لأموال إسرائيل الحرام فعل السحر في قلبه وزعزعة ثوابت إسلامه. فلقد نسي أن اسمه محمد ابراهيم فهمي كامل . . مسلم .. من مصر . . وأن ماريو ليس اسمه الحقيقي الذي ينادى به. وفي إيطاليا كثيراً ما مر على مساجد روما – دون قصد – فكان يتعجب ويتساءل: ماذا يعني الدين والأنبياء والرسل؟ إن الدين هو "البنكنوت". .
وعندما اتصلت به معشوقته جراتسيللا – عميلة الموساد – تستقصي أخباره وأخبار ضحيته زينب أجابها بأن كل شيء على ما يرام. وحدد لها ميعاد سفره الى إيطاليا. وبعدما أنهت زينب إجراءات الإفراج الجمركي عن سيارتها . . استعدت "هكذا ادعت له" للسفر معه. . فأخبرها بموعد الطائرة وأنه سيمر عليها ليصحبها الى المطار.
وقبل السفر بعدة ساعات كان ماريو قد أعد أدواته. . وخبأ الأفلام التي صورها بجيوب سرية داخل حقائبه ونزع البطانة الداخلية لها وأخفى التقارير السرية التي أعدها بنفسه ثم أعاد إلصاقها مرة ثانية بإحكام فبدت كما كانت من قبل. ومن بين تلك التقارير كان تقرير زينب الذي كان لدى المخابرات المصرية صورة عنه.
وبينما كان ماريو يغادر منزله بالدقي في طريقه الى زينب ثم الى المطار. . فوجئ بلفيف من الأشخاص يستوقفونه .. وأقتيد الى مبنى المخابرات وأمام المحقق أنكر خيانته لكن الأفلام والتقارير التي ضبطت كانت خير دليل على سقوطه في وكر الجاسوسية . . فاعترف مذهولاً بعمالته للموساد .. وأمام المحكمة العسكرية وجهت اليه الجرائم الآتية:
الحصول على أسرار عسكرية بصورة غير مشروعة وإفشاؤها الى المخابرات الإسرائيلية.
الحصول على مبلغ "7 آلاف دولار" مقابل إفشاء الأسرار لدولة معادية "إسرائيل".
التخابر مع العدو لمعاونته في الإضرار بمصر في العمليات الحربية.
تحريض مواطنة مصرية على ارتكابها التخابر .. والحصول على أسرار هامة بقصد إفشائها للعدو.
وبرئاسة العميد أسعد محمود إسماعيل وعضوية المقدم فاروق خليفة والمقدم أحمد جمال غلاب بحضور ممثل النيابة العسكرية والمقدم عز الدين رياض صدر الحكم في مايو 1970 بإعدام ماريو شنقاً بعد أن كرر الخائن اعترافه بالتجسس على وطنه. . وبيه لأسراره العسكرية مقابل سبعة آلاف دولار. وصدق رئيس الجمهورية على الحكم لعدم وجود ما يستدعي الرحمة بالجاسوس.
لم تنس المخابرات المصرية الدور الكبير الذي لعبته زينب للإيقاع بالخائن ماريو واصطياده الى حيث غرفة الاعدام ومشنقة عشماوي في أحد سجون القاهرة.
وكانت زينب بالفعل – أول مصرية – تصطاد جاسوساً محترفاً في روما . . لإعدامه في القاهرة.!!
منقوووووووووووول

مصطفى حافظ مرعب اسرائيل

مصطفى حافظ
في صباح يوم 13 يوليو من عام 1956 نشرت صحيفة الأهرام خبرا عابرا يقول : قتل العقيد مصطفى حافظ نتيجة ارتطام سيارته بلغم في قطاع غزة، وقد نقل جثمانه إلى العريش ومن هناك نقل جوا الى القاهرة على الفور، ولم ينس الخبر أن يذكر أنه كان من أبطال حرب فلسطين وقاتل من أجل تحريرها .. لكنه تجاهل تماما انه كان أول رجل يزرع الرعب في قلب اسرائيل.
ومصطفى حافظ رجل مصري من مدينة الأسكندرية التى يحمل أحد ميادينها أسمه الأن، كما أن له نصبا تذكاريا فى غزة تبارى الاسرائيليون في تحطيمه عندما احتلوها بعد هزيمة يونيو 1967.
كان (مصطفى حافظ) مسئولا عن تدريب الفدائيين وارسالهم داخل اسرائيل كما انه كان مسئولا عن تجنيد العملاء لمعرفة مايجري بين صفوف العدو ووراء خطوطه، فقد كان (مصطفى حافظ) باعتراف الاسرائيليين من أفضل العقول المصرية، وهو ماجعله يحظى بثقة الرئيس جمال عبدالناصر فمنحه أكثر من رتبة استثنائية حتى أصبح عميدا وعمره لا يزيد على 34 سنة، كما انه اصبح الرجل القوي في غزة التي كانت تابعة للإدارة المصرية بعد تقسيم فلسطين في عام 1947.
وبرغم السنوات الطويلة التى قضاها مصطفى حافظ فى محاربة الإسرائيليين الا انه لم يستطع رجل واحد في كافة أجهزة المخابرات الاسرائيلية أن يلتقط له صورة من قريب او من بعيد، لكن برغم ذلك سجل الإسرائيليون في تحقيقاتهم مع الفدائيين الذين قبضوا عليهم انه رجل لطيف يثير الاهتمام والاحترام ومخيف في مظهره وشخصيته.
وكانت هناك روايات أسطورية عن هروبه الجريء من معتقل أسرى اسرائيلي اثناء حرب 1948، وقد عين في منصبه في عام 1949 وكانت مهمته ادارة كافة عمليات التجسس داخل اسرائيل والاستخبارات المضادة داخل قطاع غزة والاشراف على السكان الفلسطينيين، وفي عام 1955 أصبح مسئولا عن كتيبة الفدائيين في مواجهة الوحدة رقم 101 التي شكلها في تلك الأيام اريل شارون للاغارة على القرى الفلسطينية والانتقام من عمليات الفدائيين ورفع معنويات السكان والجنود الإسرائيليين، وقد فشل شارون فشلا ذريعا في النيل منه ومن رجاله وهو ما جعل مسئولية التخلص منه تنتقل الى المخابرات الاسرائيلية بكافة فروعها وتخصصاتها السرية والعسكرية.
كان هناك خمسة رجال هم عتاة المخابرات الاسرائيلية في ذلك الوقت عليهم التخلص من مصطفى حافظ على رأسهم (ر) الذي كون شبكة التجسس في مصر المعروفة بشبكة "لافون" والتي قبض عليها في عام 1954 وكانت السبب المباشر وراء الاسراع بتكوين جهاز المخابرات العامة في مصر.
والى جانب (ر) كان هناك ضابط مخابرات اسرائيلي ثان يسمى "أبو نيسان" وأضيف لهما "أبو سليم" و"اساف" و"أهارون" وهم رغم هذه الأسماء الحركية من أكثر ضباط الموساد خبرة بالعرب وبطباعهم وعاداتهم وردود أفعالهم السياسية والنفسية.
ويعترف هؤلاء الضباط الخمسة بأنهم كانوا يعانون من توبيخ رئيس الوزراء في ذلك الوقت ديفيد بن جوريون أول رئيس حكومة في اسرائيل والرجل القوي في تاريخها، وكانت قيادة الأركان التي وضعت تحت سيطرة موشى ديان أشهر وزراء الدفاع في إسرائيل فيما بعد في حالة من التوتر الشديد.
وكان من السهل على حد قول ضباط المخابرات الخمسة التحدث إلى يهوه (الله باللغه العبريه) في السماء عن التحدث مع موشى ديان خاصة عندما يكون الحديث عن براعة مصطفى حافظ في تنفيذ عملياته داخل اسرائيل ورجوع رجاله سالمين الى غزة وقد خلفوا وراءهم فزعا ورعبا ورغبة متزايدة في الهجرة منها.
وكان الحل الوحيد أمام الأجهزة الاسرائيلية هو التخلص من مصطفى حافظ مهما كان الثمن.
ووضعت الفكرة موضع التنفيذ ورصد للعملية مليون دولار، وهو مبلغ كبير بمقاييس ذلك الزمن، فشبكة "لافون" مثلا لم تتكلف أكثر من 10 آلاف دولار، وعملية اغتيال المبعوث الدولي الى فلسطين اللورد برنادوت في شوارع القدس لم تتكلف أكثر من 300 دولار.
كانت خطة الاغتيال هي تصفية مصطفى حافظ بعبوة ناسفة تصل اليه بصورة أو بأخرى، لقد استبعدوا طريقة اطلاق الرصاص عليه، واستبعدوا عملية كوماندوز تقليدية، فقد فشلت مثل هذه الطرق في حالات أخرى من قبل، وأصبح السؤال هو: كيف يمكن ارسال ذلك "الشئ" الذي سيقتله اليه ؟.
في البداية فكروا في ارسال طرد بريدي من غزة لكن هذه الفكرة أسقطت إذ لم يكن من المعقول أن يرسل طرد بريدي من غزة الى غزة، كما استبعدت ايضا فكرة ارسال سلة فواكه كهدية إذ ربما ذاقها شخص آخر قبل مصطفى حافظ.
وأخيرا وبعد استبعاد عدة أفكار أخرى بقيت فكرة واحدة واضحة هي: يجب أن يكون "الشئ" المرسل مثيرا جدا للفضول ومهما جدا لمصطفى حافظ في نفس الوقت كي يجعله يتعامل معه شخصيا، شئ يدخل ويصل اليه مخترقا طوق الحماية الصارمة الذي ينسجه حول نفسه.
وبدأت الخطة تتبلور نحو التنفيذ، إرسال ذلك "الشئ" عن طريق عميل مزدوج وهو عميل موجود بالفعل ويعمل مع الطرفين، انه رجل بدوي في الخامسة والعشرين من عمره يصفه أبونيسان بأنه نموذج للخداع والمكر، كان هذا الرجل يدعى "طلالقة". لم يكن يعرف على حد قول ضابط الموساد أن مستخدميه من الإسرائيليين.
وبعد أن استقر الأمر على إرسال (الشئ) الذي سيقتل مصطفى حافظ بواسطة (طلالقة) بدأ التفكير في مضمون هذا الشئ، واستقر الرأى على أن يكون طردا بريديا يبدو وكأنه يحتوي على (شئ مهم) وهو في الحقيقة يحتوي على عبوة ناسفة.
ولم يرسل الطرد باسم مصطفى حافظ وانما أرسل باسم شخصية سياسية معروفة في غزة وهو بالقطع ما سيثير (طلالقة) فيأخذه على الفور إلى مصطفى حافظ الذي لن يتردد فضوله في كشف ما فيه لمعرفة علاقة هذه الشخصية بالإسرائيليين، وفي هذه اللحظة يحدث ما يخطط له الإسرائيليون وينفجر الطرد في الهدف المحدد.
وتم أختيار قائد شرطة غزة (لطفي العكاوي) ليكون الشخصية المثيرة للفضول التي سيرسل الطرد باسمها، وحتى تحبك الخطة أكثر كان على الإسرائيليين أن يسربوا الى (طلالقة) إن (لطفي العكاوي) يعمل معهم بواسطة جهاز اتصال يعمل بالشيفرة، ولأسباب أمنية ستتغير الشيفرة، أما الشيفرة الجديدة فهي موجودة في الكتاب الموجود في الطرد المرسل اليه والذي سيحمله (طلالقة) بنفسه.
وأشرف على تجهيز الطرد (ج) عضو (الكيبوتس) في المنطقة الوسطى، وقد اكتسب شهرة كبيرة في اعداد الطرود المفخخه وكان ينتمي إلى منظمة ارهابية تسمى (أيستيل) كانت هي ومنظمة ارهابية أخرى اسمها (ليحي) تتخصصان في إرسال الطرود المفخخه إلى ضباط الجيش البريطاني أثناء احتلاله فلسطين لطردهم بعيدا عنها.
مصطفى حافظ
وأصبح الطرد جاهزا وقرار العملية مصدق عليه ولم يبق سوى التنفيذ، وتم نقل الطرد إلى القاعدة الجنوبية في بئر سبع وأصبح مسئولية رئيس القاعدة أبونيسان الذي يقول: "طيلة اليوم عندما كنا جالسين مع (طلالقة) حاولنا اقناعه بأننا محتارون في أمره، قلنا أن لدنيا مهمة بالغة الأهمية لكننا غير واثقين ومتأكدين من قدرته على القيام بها، وهكذا شعرنا بأن الرجل مستفز تماما، عندئذ قلنا له: حسنا رغم كل شئ قررنا تكليفك بهذه المهمة، اسمع يوجد رجل مهم جدا في قطاع غزة هو عميل لنا هاهو الكارت الشخصي الخاص به وها هو نصف جنيه مصري علامة الاطمئنان الينا والى كل من نرسله اليه والنصف الآخر معه أما العبارة التي نتعامل بها معه فهي عبارة: (أخوك يسلم عليك)!.
ويتابع ضابط المخابرات الاسرائيلي: كنا نواجه مشكلة نفسية كيف نمنع طلالقة من فتح الطرد قبل أن يصل الى الهدف ؟ وللتغلب على هذه المشكلة أرسلنا أحد الضباط الى بئر سبع لشراء كتاب مشابه أعطاه لـ (طلالقة) قائلا: (هذا هو كتاب الشيفرة يحق لك تفقده ومشاهدته وبعد أن شاهده أخذه منه وخرج من الغرفة وعاد وبيده الكتاب الملغوم وسلمه له لكن (طلالقة) لعب اللعبة بكل برود على الرغم من بريق عينيه عندما تساءل: ولكن كيف ستعرفون أن الكتاب وصل؟ وكانت الإجابه: ستأتينا الرياح بالنبأ.
وفهم (طلالقة) من ذلك أنه عندما يبدأ (لطفي العكاوي) بالارسال حسب الشيفرة الجديدة سيعرف الاسرائيليون انه نفذ المهمة وعندما حل الظلام خرج أحد رجال المخابرات الاسرائيلية المسئولين عن العملية ومعه (طلالقة) وركب سيارة جيب ليوصله الى أقرب نقطة على الحدود وهناك ودعه واختفى (طلالقة) في الظلام لكن كان هناك من يتبعه ويعرف انه يأخذ طريقه إلى غزة.
وفي رحلة عودته الى غزة كان الشك يملأ صدر (طلالقة).. وراح يسأل نفسه: كيف يكون (العكاوي) أقرب المساعدين الى مصطفى حافظ عميلا إسرائيليا؟، وفكر في أن يذهب أولا الى (العكاوي) لتسليمه ما يحمل وبالفعل ذهب الى منزله فوجده قد تركه الى منزل جديد لا يعرف عنوانه واحتار ما الذي يفعل؟ ثم حزم أمره وتوجه الى منطقة الرمال في غزة حيث مقر مصطفى حافظ.
وحسب ماجاء في تقرير لجنة التحقيق المصرية التى تقصت وفاة مصطفى حافظ بأمر مباشر من الرئيس جمال عبد الناصر فإنه في 11 يوليو عام 1956 في ساعات المساء الأخيرة جلس مصطفى حافظ على كرسي في حديقة قيادته في غزة وكان قد عاد قبل يومين فقط من القاهرة، كان يتحدث مع أحد رجاله والى جانبه الرائد فتحي محمود وعمر الهريدي وفي نفس الوقت وصل اليهم (طلالقة) الذي سبق أن نفذ ست مهام مطلوبة منه في اسرائيل.
وقابله مصطفى حافظ وراح يروى له ماعرف عن (العكاوي)، وهو ما أزعج مصطفى حافظ الذي كان يدافع كثيرا عن (العكاوي) الذي اتهم أكثر من مرة بالاتجار في الحشيش، لكن هذه المرة يملك الدليل على ادانته بما هو أصعب من الحشيش؛ التخابر مع اسرائيل.
وقرر مصطفى حافظ أن يفتح الطرد ثم يغلقه من جديد ويرسله إلى (العكاوي)، أزال الغلاف دفعة واحدة عندئذ سقطت على الأرض قصاصة ورق انحنى لإلتقاطها وفي هذه الثانية وقع الانفجار ودخل الرائد فتحي محمود مع جنود الحراسة ليجدوا ثلاثة أشخاص مصابين بجروح بالغة ونقلوا فورا الى مستشفى تل الزهرة في غزة.
وفي تمام الساعة الخامسة صباح اليوم التالي إستشهد مصطفى حافظ متأثرا بجراحه، وبقى الرائد عمر الهريدي معاقا بقية حياته بينما فقد (طلالقة) بصره، وأعتقل (العكاوي) لكن لم يعثروا في بيته على ما يدينه.
وبرغم مرور هذة السنين مازال يصر الإسرائيليون على أنهم لم ينفذوا مثل هذه العملية ابدا، وبقيت أسرارها مكتومة هنا وهناك إلى أن كشفها الكاتب الإسرائيلي " يوسف أرجمان" مؤخرا فى كتاب يحمل إسم "ثلاثون قضية استخبارية وأمنية في اسرائيل"، والذي لا نعرف هل ماذكره حقيقة أم خيال.
بقى ان نعرف إن الاسرائيليين عندما احتلوا غزة بعد حرب يونيو وجدوا صورة مصطفى حافظ معلقة في البيوت والمقاهي والمحلات التجارية وأنهم كان يخلعونها من أماكنها ويرمونها على الأرض ويدوسون عليها بالأقدام، وكان الفلسطينيون يجمعونها ويلفونها في أكياس كأنها كفن ويدفنونها تحت الارض وهم يقرآون على روح صاحبها الفاتحة فهم لا يدفنون صورة وإنما يدفنون كائنا حيا
منقول

الجاسوسة التى بكتت عليها جولدا مائير

بكت جولدا مائير على مصير هبة التي وصفتها بأنها “قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل” , وعندما جاء هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي ليرجو السادات تخفيف الحكم عليها كانت هبة تقبع في زنزانة انفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة الوزير الأمريكي, فقد تنبه السادات فجأة إلى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فوراً،ليسدل الستار على قصة الجاسوسة التي باعت مصر ليس من أجل المال أو العقيدة. .إنما الوهم الذي سيطر على عقلها وصور لها بأن إسرائيل دولة عظمى لن يقهرها العرب.

آمنت هبة بكل هذه الخرافات، ولم يستطع والدها – وكيل الوزارة بالتربية والتعليم – أن يمحو أوهامها , ولأنها تعيش في حي المهندسين وتحمل عضوية في نادي “الجزيرة”–
فقد اندمجت في وسط شبابي لا تشغل عقله سوى أحاديث الموضة والمغامرات, وعندما حصلت على الثانوية العامة ألحت على والدها للسفر إلى باريس لإكمال تعليمها الجامعي،
وأمام ضغوط الفتاة الجميلة وافق الأب وهو يلعن هذا الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه
, ولأنها درست الفرنسية منذ طفولتها فقد كان من السهل عليها أيضاً أن تتأقلم بسرعة مع هذا الخليط العجيب من البشر.

إنها الحرية بمعناها الحقيقي، الحرية في القول والتعبير .

جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها،وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لكونها مصرية جريئة
, لقد أعلنت صراحة في شقة البولندية أنها تكره الحرب، وتتمنى لو أن السلام عم المنطقة.

وفي زيارة أخرى أطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية في إسرائيل،
وأسلوب الحياة في “الكيبوتز” وأخذت تصف لها كيف أنهم ليسوا وحوشاً آدمية كما يصورهمالإعلام العربي ، بل هم أناس على درجة عالية من التحضر والديمقراطية.
وعلى مدار لقاءات طويلة مع الشباب اليهودي. .

استطاعت هبة أن تستخلص عدة نتائج كحقائق ثابتة. أهم هذه النتائج أن إسرائيل قوية جداًوأقوى من كل العرب وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل في يوم من الأيام بالسلاح الشرقي.. ففي ذلك هزيمة لها.

آمنت هبة أيضاً بأن العرب يتكلمون أكثر مما يعملون. وقادتها هذه النتائج إلى حقد دفين على العرب

وثقت هبة أيضاً في أحاديث ضابط الموساد الذي التقت به في شقة صديقتها. .وأوهمها باستحالة أن ينتصر العرب على إسرائيل وهم على خلاف دائم وتمزق خطير في حين تلقى إسرائيل الدعم اللازم في جميع المجالات من أوروبا وأمريكا.

كانت هذه الأفكار والمعتقدات التي اقتنعت بها الفتاة سبباً رئيسياً لتجنيدها للعمل لصالح الموساد ..دون إغراءات مادية أو عاطفية أثرت فيها، مع ثقة أكيدة في قدرة إسرائيل على حماية “أصدقائها”


--------------------------------------------------------------------------------



يتبع....
منقول